الخروج

أكتبُ اليوم وانا على أطراف بابِ الوداع – كما أتمنى – مُلقياً السلامَ على كل ما فاتَ من فرصٍ ضائعةٍ ، وأحلامٍ محققة ومؤجلة ، وليالٍ وضعتٌ فيها عُنقَ القدرِ تحت قدماي ، والسلامُ على الدنيا حين أبت أن تحررني الا بعد جرعتين من السم الذي أفاقني مما كُنت فيه طيلة الثلاثة سنينٍ الماضية ، كانتَ الوجوه أبعدُ ما يكون من أن تشبهَ بعضها ، وكلها صنعت ما صنعت ، فأولها عرفتُ بهِ الكاتب الزائف ، والثاني أعاد لي الطفل المفقود ، والثالث كان أصدقُ ما في عمرٍ تصارعنا فيه أنا والدُنيا على أصحابي ، وأما اليومَ فنستميتُ لكي نخلع الرداء ونعيدَ ما نسيناهُ لطولِ المسير ، واليوم نشذبُ أطرافَ العُمرِ المسموم ونعودُ بلا حولٍ ولا قوةٍ منا الى هدوءٍ مُفزع لا نعرفُ فيه أين نحط أقدامنا المُتعبة ، وكتابي هذا هو لمد صفحة الذكرى ، وليس لطيها وتمزيقها ، فكيف يقوى الانسانُ على نسيانِ من كان لهُ خليلاً وصاحِباً ، ومن كان لهُ حاملاً للجراح ؟

اما سئِمتَ الفناء ؟
والركضَ خلفَ عُمرٍ بهيج عِشتهُ في كنفِ الاحباب 
ومُلكاً أضعتهُ من بين يديك ؟
أما أتعبكَ العمى والسراب ؟
أما أرهقكَ النداءُ لراحلٍ 
شطرَ قلبكَ وترككَ تُلملمَ بعثرة الأيام ؟ 
لم يأخذكَ نوحٌ معهُ 
ولم يُكرمك أباهُ بغرقٍ أخير 
ثُمالة الذكرى أصبحت مرة 
والتصابي أمسى جرحاً لا أطيق فِراقهُ 
وأين انتَ يا صاحبَ القلب ؟
أراكَ أعرضتَ عني ودفنتني 
وتركتني عارياً دون ثوبٍ يواري سوئتي 
والوحدة تأكل ما بقي من العظم 
قميصي مبلول ، وشِراعي يُطوى 
وسفني ما عادت تتحملُ الرياح 
معاذَ اللهِ ما كُنتُ دونكَ غنياً 
وما عاد لي من بَعدكَ من يحملُ عني الجراح 
ولا لي عينٌ أحدقٌ فيها للآلامِ ضاحِكاً 
والجناح ؟ ما عاد يقوى على حملِ الجناح 


أعرافٌ بالية

وما يحرقُ أكبادهم لو طبعت قِبلة على ثغرك ، وزرعتُ نرجساً في شعرك ، وقرأتُ لكِ قصيدة على شاطئ البحر ، ولو جعلتكِ بالأمسِ عوداً يغني بين يدي ، وما يضرهم لو ملأتُ صدركِ بالريحان ، وكنتِ نخلة بين تمر بين عيناي ، ما يضرهم لو قطفتُ لكِ نجمة وصنعتُ منها عِقداً لعُنقك ؟ ما يضرهم لو قرعنا أجراسَ الكنائس ، ورتلنا أهازيج الصابئية ، وغنينا القرآن ونذرنا أرواحنا للطيرِ والانسان ، وصافحنا الرُهبان وتنفسنا روائح المعابدِ القديمة ، وما يضرهم لو استرجعتُ عُمركِ الضائع ؟ ولو أوقدتُ لكِ شمعة في صدرك ؟ واستبدلتُ روحك بدندنةِ عودٍ عربيٍ قديم ؟

ما يضرهم لو ردمنا الخنادقَ وقصرنا المسافات وأدركنا المرافئ ؟ وما يحرقهم لو أسميتكِ فتنتي الجميلة وأغرقتك بزُرقة تلون أيامكِ ؟ وما يضرهم لو كنتِ جنة شاعركِ وحسنتهُ الوحيدة ، ولو سرقتُكِ في ليلةٍ كما يسرقُ الاطفال الدمى وأخذتكِ لضفة بعيدةٍ لنعد النجوم ، وقلدتكِ كوكباً وأخرتُ النهارَ بِضعَ سنين ؟ ماذا لو أمسكتُ كفيك ، وكتبتُ طالعكِ بيدي ، ولو كنتُ بسملة على شفتيك ؟

لا يضرهم شيء يا طِفلتي ، لا يضرهم شيء سوى أن أغلالهم تتكسر عن يديك ، ولا يضرهم سوى أنكِ خرجتي من سردابهمِ الظالم ، وأنكِ أصبحتِ قمراً مُنيراً وهم في عتمتهم يعمهون ، وأنكِ لم تعودي شقية اليوم ، وإنما حرة الجناح ، وأن مركبكِ لم يعد يقودهُ دين كاذب ، وشيخٌ أكذب ، وعُرفُ أبناءِ السبعين

رسالة البداية

مرحبا ، انا اسمي ليث ، ولازلت أجهل سبب وجودي في هذه الصفحة ، الا أن الرغبة والشغف كانا دائما الحضور للكتابة حول شيء مجهول ، وقد قضيتُ أغلب عُمري القصير في محاولة فهم ما يدفعُني للكتابة ، وقدومي لهذا المكان أخذ مني الكثير من التردد والتفكير في العواقب والأسباب ، وما اذا كان الأمر يستحقُ العناء أم لا ، ولكن وجدت أخيراً ما يدفعني للقيام بهذه الخطوة ، وهو هدفٌ في قمة الخبث والدنائة والانسانية ، وحالما أصل لهدفي فأنا راحلٌ من هنا ، والصعوبة الأخرى – عدا ايجاد دافع حقيقي للكتابة – هو مسألة نشر المدونة بين الاقارب والاصدقاء ، فأنا – كما عرفتُ نفسي دائماً – شخصٌ قلق ومُرتابٌ ومصابٌ بعدوى الشك ، ولكن ما استقر اليه عقلي أخيراً هو نشر المدونة لتحقيق الهدفِ وإشباعُ مافي النفس من نوايا .

ستجدُ هنا الكثير من الغزل والسواد والفرح والذكريات وجميعَ نواقضِ الحياة ، والكثير من الأسماء المُبهمة ، فأرجوك الا تسألني عنها بدافع الفضول ، فلا رغبة لي بالمزيدِ من التعري ، ومجنونُ الارتياب يفهم ذلك جيداً ، ولا يسعني وصفُ نفسي الا بعبارة قالها رجلٌ غريب : أنا رجلٌ لا تُثقلهُ الهموم ، وانما تُثقلهُ الذكريات . سترى – ربما – الكثير من التخبطات والصعود والنزول ، وكل هذا يعتمدُ على قُربي وبُعدي من هدفي الذي جِئتُ من أجلهِ أصلاً .
لدي الكثيرُ من العوالق التي تجاهلتها لأيام وسنين ، ولم أجد مكاناً أفضل من من المدونة لوضعها في موضعها الأخير.

نبذة تعريفية بسيطة : رجلُ كثير الشغفُ والحب ، مفتوح الذراعين لكل مُقبل ، يُعاني من المسلمات ، عاش غالبية عُمره دون شريك حقيقي ، وأكثرُ ما يحبه في العالم هو الصدق بكل أوصافهِ ، وعينهُ بصيرةٌ على الزيف ولو بدا لكَ غيرَ ذلك ، قصير اليدِ وممدودُ العين ، يؤمن أن المخلص الوحيد للانسان من آلامهِ هو الحُب وحده ، شديد الرغبة بكل ماهو لذيذٌ في الحياة ، ويحلمُ يوماً بأن يجدَ حباً صادقاً يزيل عن عينيهِ غِطاء التعب ، ويتمنى الموتَ في صورة رسمها في خيالهِ قبل 4 سنين ، ويستعيذُ بالله دائماً من كل حبٍ كاذب ، واهتمامٍ كاذب ، وصدقٍ مؤلم ، ومن غدرِ الاقدار ، ومن نصفِ الحب ونصف الصديق ومن نصف الحياة ، حياته الواقعية بسيطةٌ للغاية ، اما الداخل فهو كثيرُ وعظيمٌ وأبعدُ ما يكون عن القلة ، فلا تمد يديك بدافع الفضول ، فكل شيء يُمكن تزييفهُ الا الشغف ، يتمنى أن يجدَ أرضاً صالحة للحُب كي يُفني ما بقي من عُمرهِ في زراعتها ، هائجٌ جداً ومن كل النواحي ، وقلبهُ مُلتهبٌ دائماً ، لهُ مزايا أكثر مما تتخيل ، ولهُ عيوبٌ لا تُعد ولا تُحصى ، وفخور جداً بأنهُ ليس ممن تحدهم كلمة الظروف عنك إن قدمت له هذا في المقابل .

وفي نهاية الحديث ، أقول هذا الكلام لمن يعرفني مُسبقاً ، هنا ستتعرف على جديد .